ابراهيم واسماعيل حول الكعبة
الاسم قبل الإسلام: اراد يوراج
الإسم بعد الإسلام: ابراهيم خليل
أسماء الأولاد بعد الإسلام: اسماعيل واسحاق
المهنة: ممرض
مكان العمل: مستشفى الصباح
العمر: 45 عاماً
سبب الهداية: اليأس من عبادة الأصنام
الديانة السابقة : الهندوسية
الجنسية : الهند
الهندوسية ديانة ترتبط بتراث الهند، ومنها استمدت اسمها، وقديماً كانت تسمى «درما»، وسميت كذلك «سانتانا»، ومن ثم اتخذت اسم الهندوسية وباتت تشمل كل ما يتعلق بالهند من دين وحضارة وعادات وتقاليد، ولم تعد ديناً وضعياً بحتاً بقدر ما هي حالة ثقافية، والهندوس يؤمنون بتعدد الآلهة ولا مكان عندهم لعقيدة التوحيد، وتعدد الآلهة عندهم يبدأ من أصل هو التثليث وثالوث الآلهة الهندوسية هو : برهما- فشنو «وشنو» - شيفا فهيش .
ابراهيم يتحدث:-
نشأت في بلد ذات ديانات متعددة، فيها المسلمون والنصارى، وفيها الذين يتخذون آلهتهم حسب هواهم إلى أن وصلت معتقداتهم وعباداتهم إلى أكثر من الألف عبادة، فمنهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد النار، وآخرون يعبدون البقر، وغيرها كثيراً من المعتقدات الباطلة والشركيات، بل وصلت منزلتهم إلى عقيدة تقدس الفئران، كل هذه المعتقدات جعلتني في حيرة من أمري، وخاصة أني أعبد الأصنام، التي يختلف أحجام بعضها عن بعض، في صورة الإنسان «راما»، ذاك الإنسان الذي اتخذه الهندوس إلهاً لهم، فصنعوا له التماثيل بأشكالها المختلفة، فسألت نفسي- كيف يعبد كل منَّا إلهاً؟ فكثرة الآلهة بعثت الشك في قلبي. من هذا المنطلق بدأت أبحث عن الحقيقة، وكنت أرى المسلمين من حولي يذهبون إلى أماكن عبادتهم في سكينة ووقار، وراحة بال واطمئنان نفس..
- توقف قليلاً… ثم أخذ تنهيدة قوية كأنه يستعد لاستقبال ماراثون وقال:
- من هذه اللحظة بدأت تدب الأفكار في عقلي وأتساءل…. لماذا لا أتعرف على دين المسلمين؟ لربما وجدت فيه مخرجاً لنفسي كي أروي به ظمأي وأرى الحقيقة من ورائه.
“فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ”
(سورة الأنعام الآية 125).
- وكلما هممت لأسأل أحداً من المسلمين، كان الشيطان يحاربني محاربة العدو اللدود، بالإضافة إلى العادات والتقاليد المتوارثة الراسخة في أذهاننا، ولكن الظلام الذي يهيمن على قلوبنا، جعلني أصر على معرفة الإسلام مهما كان الثمن، بحثت أنا وزوجتي وأولادي طويلاً عن هذا الدين…
- فكنت أسأل جيراني من المسلمين، ما هو الإسلام؟ وكيف السبيل إليه؟
أين السبيل يا إلهي إلى النجاة
خذ بيدي، إليك توسلي، وإليك الرجاء
تراني سقيم ليتني أجد الشفاء
فما بعد الشرك من داء وما بعد الإسلام من دواء
- لم أجد من يعطيني الإجابة الكافية الشافية، أو يأخذ بيدي ليعرفني بهذا الدين، ولم ألق من يخرجني من الظلمات إلى النور.
- أصبحت الرغبة تنمو أكثر فأكثر نحو معرفة الإسلام، ولكن عدم الوعي القوي، وطبيعة الحياة، وكثرة العبادات، أدت إلى تأخير معرفتي بهذا الدين.
بداية دخولي في الإسلام والتعرف على حقائقه
- جئت إلى الكويت منذ 17 عاماً عاصرت المسلمين في كل مكان- في العمل وفي الجوار وغيره- حتى أصبحت تربطني صداقة قوية بمن حولي، ومع مضي تلك الفترة الطويلة بين المسلمين، وجدت ضالتي، وعرفت الإسلام. من بين هؤلاء كان لي صديق طيب القلب ودود، يحب دينه ويغار عليه ويخاف من ربه، اسمه «حماد» وهو مصري الجنسية … قدم لي كثيراً من النصائح والإرشادات التي تهديني إلى طريق الإسلام، وعرفت منه أساس هذا الدين وعقيدته، بأن اللّه واحد لا شريك له في هذا الكون، وهو الذي خلق كل شيء، وهو الضار والنافع والرازق.
- بذلك أحببت هذا الدين وعشقته عشقاً قوياً، قبل أن أكون مسلماً، ورغبت الدخول فيه، بسبب ما رأيته وتعلمته من مبادئ وأمور حقيقية وصحيحة تتفق مع مفهوم الإنسان العقلي، لدرجة أنني صمت رمضان مع المسلمين وكنت أتسحر ولا أفطر حتى يفطر المسلمون، وتمنيت الصلاة معهم حينما كانوا يصلون…
- وبين تعانق حبي للإسلام والأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة، التي وجدتها مع من حولي- رغبت في أن أكون مسلماً.
إشهار الإسلام ….. لحظات خالدة من زمن الأنبياء
- من خلال حبي للإسلام الذي ملك قلبي، وسيطر على كل تفكيري، أردت الخروج من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة اللّه الواحد العلام.
“اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ”
(سورة البقرة الآية 257)
- وفي يوم من الأيام عزمت على إشهار إسلامي، فسألت صديقي «حماد»… كيف أدخل الإسلام؟
- رد قائلاً: نعم!! ماذا تقول؟ أقول: كيف أدخل الإسلام؟ فرد مهللاً: اللّه أكبر… اللّه أكبر… ما الذي سمعته؟ قلت: أريد أن أشهر إسلامي… ما إن تأكد سمعه من كلامي إلا واحتضنني بحرارة، وقال: الحمدللّه رب العالمين اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى.
- ثم نزلت دموع الفرح من عيني وأنا في حضنه، وأخذ بيدي وقال: أنا أسمع عن لجنة التعريف بالإسلام، هي التي ستلبي لك ما تريد، سنسأل عنها ونعرف مكانها. توجهنا إلى صديق كويتي الجنسية «جزاه اللّه خير الجزاء» ووصف لنا العنوان ثم جئنا إليها، فإذا هي قلعة عظيمة مليئة بالمهتدين الجدد، الذين سبقونا بالإيمان، يتعلمون كيف يحافظون على دينهم الجديد، ووجدت كثيراً من غير المسلمين يتعلمون اللغة العربية في فصولها من جميع الجنسيات وبمختلف اللغات.
- أحسست في هذه اللحظات بالفرق الكبير بين المسلمين وغير المسلمين، بسبب ما تقدمه اللجنة من خدمات لكل أصحاب الديانات الأخرى، إنه فرق الليل والنهار، ومن ثم قابلت الداعية الهندي الذي يتحدث بلغتي فسلّم عليَّ ورحب بي، وأجلسني أمامه، وكأني أنتظر ولادتي من جديد..
وكأني أولد للحظة… وكأني أخرج للدنيا
يا لها من لحظات لا تنسى… تلك التي دخلت فيها الإسلام، أخذ يزيل عن عيني الغشاوة، وعن قلبي الظلام المترسب قديماً، عرفني ما كان يخفى عليّ، وعلمني كيف أنطق الشهادتين…
- عندئذ أيقنت أنني وصلت إلى الطريق المستقيم، وشهدت أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه… وما أن نطقت بهما إلا وسمعت تهليل الحضور وتكبيرهم زلزل كياني، وكأني أولد من جديد، ثم حضنني «حماد» مرة أخرى وبارك لي دخول الإسلام.
لما دعا الداعي لدين محمد جئنـا نلبي دعوة الرحمن
جئنا يا إلهي نبتغي رضوانكم لنفوز بالجنات والولدان
والله أكبر طهرت أرواحنـا من رجس أهل الشرك والعصيان
الله أكبر زلـزلـت أرجاءنا إذا نحن نسمعها بكل مكان
كم عشت في الدنيا بغير عقيدة حتى هداني الله للإيمان
- كل خطوة خطوتها ناحية هذا الدين كانت تعلمها زوجتي وأولادي، وكنا متفقين على هذا الأمر…. رجعت لأولادي أزف لهم البشرى وكلي فرح وسرور… ودت لو كانوا معي في لحظات الإيمان التي مررت بها داخل اللجنة.
- بدورها قامت اللجنة بعمل ملف باسمي الجديد «إبراهيم» خليل لحضوري الدروس الدينية والدورات، التي ترعاني وتعينني على فهم أركان ومبادئ الدين الجديد، وكنت كلما حضرت درساً وفهمت شيئاً، أحرص على أن أعلمه لأولادي وزوجتي، كما وضحت لهم بأن الإسلام دين ارتضاء وإقناع.
“لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينٌِ ”
(سورة البقر آية ة256)
حتى رضوا جميعاً بأن يكونوا مسلمين، ومن ثم أحضرتهم واحداً تلو الآخر إلى اللجنة ليشهروا إسلامهم، وذهبت زوجتي إلى القسم النسائي بالروضة وأسلمت هناك.
- كانت سعادتي تتكرر كلما دخل أحد من أولادي في الإسلام، والحمدللّه رب العالمين بدلت أسماءهم الهندوسية إلى إسلامية وسميتهم إسماعيل وإسحاق، وفاطمة، والحمد للّه رب العالمين.
“الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ ”
(سورة الأعراف آية 43 ).
- سافر إبراهيم وأولاده إلى الهند، ومحا الأسماء الهندوسية من أوراقه ومستنداته وسجل الأسماء الإسلامية، ونظف بيته من الأصنام ورمى بها في سلة القمامة، وأصبحت عبادته السابقة في ذاكرة النسيان.
- ها نحن أصبحنا شجرة مسلمة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فنسأل اللّه أن يثبتنا على ديننا الجديد، ونموت عليه، ونبعث عليه يوم يبعثون.
إبراهيم واسماعيل في الحج
- يقول «إبراهيم خليل» عن رحلة الحج: بعد أن أعلنت لجنة التعريف بالإسلام عن مشروع حج المهتدين الجدد لعام 1422 - تقدمت أنا وابني إسماعيل إلى الاختبارات لأداء فريضة الحج، وكان علينا اجتياز هذه الاختبارات المؤهلة لذلك نجحنا والحمدللّه، ففرحت فرحاً شديداً، وكنت أنتظر كل يوم متى سيأتي السفر، كنت أخاف أن يحدث شيءٌ يعوق ذهابنا إلى بيت اللّه الحرام..
- ويوماً بعد يوم كان يزيد شوقي إلى رؤية هذا البيت، إلى أن أراد اللّه وسافرنا إلى مكة بالحافلة عن طريق البر..
انطلقنا جميعاً فرحين مسرورين مع دعاتنا -كل داعية بجاليته- وفي أثناء السفر وداخل الحافلة كان المسؤولون المرافقون يطرحون المسابقات والحمدللّه. كنت أنا وابني من المتميزين بين الحجاج المهتدين، وحصل «إسماعيل» على كثير من الجوائز، ونال إعجاب جميع الحجاج.
مواقف لا تنسى:
- لا أنسى ما حدث معي في الحج، فكلها مواقف جميلة رغم صعوبتها، وكما عرفت أن الحج جهاد، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
- بعد رحلة طويلة وشاقة، وصلنا إلى الميقات، اغتسلنا ولبسنا ملابس الإحرام، وزادت الفرحة على وجوه المهتدين، لقد كان حلماً أن أتواجد في هذا المكان… أين كنت سابقاً، وكيف أصبحت الآن؟
- الحمدللّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه.
- لقد أحسست أني بدلت نفسي كلياًّ. كم كان المنظر رائعاً، يدل على أن الإسلام دين مساواة، ودين عدل، نوينا العمرة متمتعين بالحج، وانطلقنا إلى بيت اللّه الحرام ملبين مكبرين بصوت عال داخل الحافلة، «لبيك اللهم لبيك… لبيك.. الخ التلبية، وكانت أصواتهم تؤلف نغمات موسيقية جميلة تهز الأبدان وتحرك المشاعر. إنه فرق كبير كون أن تذهب بنفسك، أو تذهب مع هؤلاء المهتدين. وفي داخل الحافلة أمسك ابني «اسماعيل» بمكبر الصوت، وأخذ يردد التلبية، وكنت سعيداً بذلك سعادة لا توصف بما يتميز به «إسماعيل» في النطق بالعربية عن الآخرين.
- وعندما وصلنا بيت اللّه الحرام، ورأيت الكعبة انهمرت الدموع من عينيّ، لكأني أرى الشمس لأول مرة تشرق في حياتي وتسطع بنورها المتدلي على الكعبة، ولم أتصور أن أكون يوماً في هذا المكان الطاهر، ولم أر جمعاً مثل الذي آراه الآن.
- اصطحب كل داعية مهتديه لأداء المناسك
- وافرحتاه عندما دخلنا بيت اللّه
- كل منا يسأل ربه أن يحقق مناه
- لبينا خالقنا وخالقنا لبى من ناداه
- بفضل اللّه تعالى أدى المهتدون مناسك العمرة في فترة التمتع، وكان المهتدون يؤدون الصلاة في أوقاتها بالحرم الشريف، إلى أن حلت مناسك الحج.
مواقف وذكريات
- مسؤول الرحلة يقول:
- عندما انتهى المهتدون من رمي الجمرات، وفي ظل الزحام الشديد تاه «ابراهيم» عن ابنه «اسماعيل» الذي كان معنا، فأخذنا نبحث عن أبيه هنا وهناك فلم نجده، وذهب كل منهم مع فئة دون الآخر. إلا أن ابراهيم سبقنا في الذهاب إلى الحرم، بقيت أنا وابنه مع مجموعة أخرى من المهتدين.
- خيرت إسماعيل هل يذهب معي، أم يبقى مع رفاقه؟ ورئىس الوفد اختار الأخيرة، وذهبنا أنا وبعض المهتدين الحجاج إلى الكعبة لاحقين «إبراهيم»، وجمعني اللّه به، والتقيته هو والذين معه… ولما رآني تغير وجهه وراح يسألني:
- أين «إبراهيم»؟ قلت له: لقد خيرته ما بين أن يأتي معنا أو يبقى مع الآخرين، فاختار الآخرين مع رئىس الوفد.
- تعتع صوته وتلعثم خوفاً على ابنه وقال:
- من الواجب عليك إحضاره معك… طمأنته عليه وأخبرته بأنه سيأتي لاحقاً إن شاء اللّه….
- إطمأن بالله وهدأت نفسه…. وأخذنا نتأهب لطواف الإفاضة بين ملايين الحجاج… وبينما نحن متوجهين ناحية الكعبة تأخر قليلاً عن أبناء جاليته وشدني من ملابس الإحرام…
- وقال لي: أريد أن أكون معك؟ كي أردد خلفك ما تقوله في دعائك!! فغمرتني السعادة وفرحت فرحاً شديداً بما سمعته.
- ثم شبك ذراعه بذراعي وصرنا كالجسد الواحد… وقلت له إن اللّّه سبحانه وتعالى يعلم ما نسر وما نعلن…. ويعلم ما نريده قبل أن نقوله… ولكن لا بأس كما تحب… فهذا شيء يسعدني، وانطلقنا نطوف حول الكعبة بين الحجاج كأمواج البحر…. كلما قلت شيئاً من ذكر أو دعاء ردده خلفي…. حتى امتزج دعاؤنا بالبكاء..
- في الشوط السادس من الطواف اقتربنا من الكعبة وتعالت صيحاتنا بصوت بكَّاء ناحب، ولكن في هذه اللحظات انفرجت حلقتي الأذرع، ولم نبق متلازمين وتفرقنا، دفعته أمواج الحجاج إلى بعيد، وهو يقول: امسك بيدي… امسك بيدي.. لم نستطع التلاصق مرة أخرى.
- تاه «إبراهيم» عني…. ثم بحثت عنه حول الكعبة فلم أجده..
- بعد أن انتهيت من السعي وجدته والفرحة تعلو وجهه في مكان الانتظار خارج الحرم الشريف.
- فسألته: هل لاقيت «اسماعيل»؟ قال : نعم، وانتهى من الطواف وهو الآن يسعى بين الصفا والمروة.
- انتظرناه سوياً حتى جاء هو وجميع الحجاج، ورجعنا، ثم حلقنا رؤوسنا، وحللنا من الإحرام، والحمد للّه رب العالمين…
“وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ”
سورة آل عمران الآية (97