قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو من اتخذ قرار مطالبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتأجيل مناقشة تقرير غولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في حين قرر عباس من جانبه تشكيل لجنة وطنية لبحث ملابسات هذا التأجيل.
وأوضحت الصحيفة أن عباس اتخذ هذا القرار بعد زيارة القنصل العام الأميركي له الخميس الماضي، وذلك دون التشاور مع زملائه في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أو مع أعضاء حكومة تصريف الأعمال برئاسة سلام فياض.
وحسب معلومات استقتها هآرتس مما وصفتها بـ"مصادر فلسطينية مستقلة في رام الله"، فإن القنصل حمل معه "طلبا لا لبس فيه" من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن يتم تأجيل مناقشة تقرير القاضي ريتشارد غولدستون في مجلس حقوق الإنسان.
وأضافت الصحيفة أن مسؤولين فلسطينيين تحدثوا عن "ضغوط كبيرة ومتواصلة" من جانب الولايات المتحدة، التي هددت بأن تبني التقرير سيشوش المسيرة السلمية.
ومضت هآرتس في تقريرها الذي كتبته عميرة هاس لتؤكد أن عباس اتصل بممثل منظمة التحرير الفلسطينية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف إبراهيم خريشة، وفاجأه بطلب عدم التصويت في الغد على تبني التقرير كما كان مقررا. وطلب خريشة أن يتلقى أمرا مكتوبا عبر الفاكس وهو ما حدث.
وفي يوم الخميس الماضي الذي كان مقررا للتصويت كان هناك 33 دولة من أصل 47 عضوا بمجلس حقوق الإنسان تعتزم الموافقة على التقرير، وهو ما كان يعني نقله عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، علما بأن التقرير يوصي بمطالبة المجلس إسرائيل بالتحقيق في الخروقات التي قامت بها قواتها أثناء الحرب.
واعتبرت هآرتس أن هذا التصرف هز الجمهور الفلسطيني، واعتبر الكثيرون أن موافقة السلطة الفلسطينية على التأجيل هو صفعة لضحايا الحرب في غزة وعائلاتهم وكذا لكل من جمعوا الأدلة وعملوا من أجل "إحقاق العدل" على مدى الأشهر التسعة الأخيرة.
وعقد نحو نصف أعضاء اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير ممن يوجدون في رام الله لقاء عاجلا نددوا خلاله بالقرار دون التطرق لعباس مباشرة، كما طالبوا بتشكيل لجنة تحقق في الشكل الذي جرت به الأحداث، كما أن 14 منظمة فلسطينية لحقوق الإنسان نشرت تنديدا حادا مشتركا "لقرار القيادات الفلسطينية" والضغوط التي مارستها عليها دول مختلفة.
لجنة تحقيق
وسارع الرئيس الفلسطيني للاستجابة لمطلب أعضاء اللجنة التنفيذية، وأصدر اليوم الأحد قرارا بتشكيل لجنة وطنية لبحث ملابسات هذا الموضوع على أن تقدم تقريرها إلى اللجنة خلال أسبوعين.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربه إن تشكيل اللجنة، التي ستضم حنا عميرة وعزمي الشعيبي ورامي الحمد الله، تم بعد مشاورات أجراها عباس مع أعضاء اللجنة ومع رئيس حكومة تصريف الأعمال سلام فياض.
ويأتي تقرير الصحيفة الإسرائيلية بعد يوم من تأكيد وكالة سما الفلسطينية نقلا عن "مصادر خاصة" أن فياض هو المسؤول المباشر عن سحب السلطة الفلسطينية دعمها لمشروع قرار مناقشة تقرير غولدستون.
وقالت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها إن فياض تلقى اتصالات من واشنطن وتل أبيب "وصلت إلى حد التهديد بقطع كافة المساعدات التي تمنحها الإدارة الأميركية للسلطة الفلسطينية وكذلك توقيف إسرائيل عائدات الضرائب التي تعتمد عليها السلطة في دفع رواتب موظفيها".
تضارب
وأكدت المصادر أن فياض -عقب الاتصالات التي تلقاها- مارس ضغوطا على السلطة الفلسطينية والرئيس عباس لسحب القرار لأنه سيشكل عقبة كبيرة في وجه المشاريع الاقتصادية في الضفة وينعكس سلبا على أداء حكومته.
لكن مقربين من مكتب فياض نفوا صحة هذه المعلومات وقالوا إن عباس وحده هو من يملك سلطة اتخاذ قرار بهذا الحجم، في حين يقول مسؤولون في مكتب عباس إن حالة من الغضب تنتاب السلطة والرئيس الفلسطيني عقب ردود الأفعال القوية على ما حدث من الجانب الفلسطيني بشأن تقرير غولدستون.
جدير بالذكر أن التقرير يتهم كلا من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بارتكاب جرائم حرب ويطالبهما بالتحقيق مع المشتبه بتورطهم في تلك الجرائم وتقديمهم للقضاء خلال ستة أشهر.
المصدر: وكالات+الصحافة الإسرائيلية